top of page

التحول الرقمي في النظام القضائي العماني: رؤية واعدة بحاجة إلى تخطيط أعمق



يستحق المجلس الأعلى للقضاء التقدير على جهوده في تطوير النظام الإلكتروني للقضاء؛ فهي خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز كفاءة الخدمات وتيسير إجراءات التقاضي، بينما تتماشى مع رؤية عمان 2040 التي تجعل الرقمنة أساسًا لتطوير القطاعات، مما يعكس طموحًا يستحق الدعم، لكن رحلة الانتقال من “بوابة المتقاضين” إلى النظام الجديد كشفت عن تحديات تتطلب تقييمًا دقيقًا لتحقيق الأهداف بنجاح.

ومن أبرز مزايا النظام الإلكتروني ربط الوكالات الصادرة عن الكتاب العدل بالتسجيل الرقمي، حيث تقضي هذه الآلية الحديثة على التزوير وتضمن الدقة القانونية، مما حاز على استحسان المستخدمين، كما يتيح النظام واجهة موحدة تمكن المحامين من متابعة الدعاوى والوكالات والإجراءات ومواعيد الجلسات والسداد بسهولة، في حين يعزز الشفافية بسد الثغرات التي استُغلت سابقًا للمخالفات، ويدعم التقاضي عن بُعد مما يقلل الحاجة للتوسع في المباني إذا اعتمد النظام الإلكتروني بكفاءة، بينما يسهل الربط بين القضاء والمؤسسات الحكومية عبر تبادل البيانات رقميًا، كما يساعد معاوني القضاء من المحامين والخبراء بتوفير أدوات إلكترونية تسرّع إجراءاتهم.

وعلى صعيد التنفيذ تزامن إطلاق النظام مع مارس، وهي ذروة النشاط القضائي، مما أدى إلى اضطرابات كان يمكن تفاديها لو اختيرت فترة العطلة القضائية للتجربة والتهيئة، لذا أثر هذا التوقيت على المحامين الذين واجهوا صعوبات في متابعة قضاياهم، بينما افتقد المتقاضون وضوح الإجراءات، في حين لم يتلقَ موظفو المحاكم تدريبًا كافيًا، مما تسبب في فوات مواعيد مهمة، ولجأ الكثيرون لزيارة المحاكم شخصيًا للتسجيل في تناقض مع هدف التيسير، كما أشار موظفون إلى أعطال تقنية تبرز الحاجة إلى استقرار النظام، ومع تزايد الضغط ارتفعت تكاليف الخدمات في مكاتب سند التي باتت تمارس بعض أعمال المحاماة بمبالغ كانت رمزية في السابق.

ويثير هذا الواقع تساؤلات حول الإعداد، فهل تلقى الموظفون تدريبًا كافيًا، ولماذا لم يُعتمد نهج تدريجي كتجربة النظام في محكمة مثل استئناف نزوى أولًا، حيث يبدو أن القائمين على فرض النظام بشكل مفاجئ كانوا متأكدين من نجاحه رغم تكرار الأخطاء مرات ومرات في تجربة “بوابة المتقاضين” التي واجهت صعوبات تقنية، مما يجعل الإطلاق المتسرع دليلًا على افتقار التخطيط المحكم، بينما كان يجب استلهام دروس من التجارب السابقة لتجنب التأخير والأعطال.

ورغم هذه العقبات يبقى النظام الجديد واعدًا بتحسينات كبيرة مقارنة بسابقه، شريطة معالجة الإشكالات الأولية، فمثلًا تُعد مشكلة الوكالات القديمة السارية التي لم تُدمج بعد تحديًا بسيطًا يمكن حله بتحديث قاعدة البيانات؛ لذا يتطلب النجاح خطة واضحة لنقل الملفات وتأهيل الكوادر بشكل شامل، فإن رؤية عمان 2040 تؤكد على التخطيط الرصين والتنفيذ التدريجي لتكون التكنولوجيا رافعة لا عائقًا، ويُوصى بتقييم هذه التجربة بعناية مع تعزيز الاستقرار التقني قبل التعميم لضمان نظام قضائي رقمي يخدم العدالة والمجتمع بكفاءة، فتمثل هذه الخطوة أساسًا لتحول رقمي ناضج يمتد إلى جميع قطاعات الدولة.



بقلم المحامي/ محمد بن سعيد المعمري

شــــــــــركة الـــــمـــعمري والـــــســعيدي

محــــــــامون ومستشــــــارون في القانون

هاتف: 90605000

البريد الالكتروني: info@mflegal.net - mohd@mflegal.net


 
 
bottom of page